سجينه جبل العامري بقلم ندا حسن
مباشرة دون أن يراها أحد من الحرس..
فتحت الباب بهدوء وبطء شديد.. أخرجت رأسها لتنظر إلى الخارج ربما يكن أحد هناك ولكن لم ترى أحد فخرجت إلى خلف القصر تختلس النظرات بعينيها في كل إتجاه وقد كانت أحضرت من قبل ما ستحتاج إليه في مهمتها..
سارت بهدوء دون أن تصدر أي صوت إلى شجرة كبيرة متواجدة أمام سور القصر كان خلفها جردل كبير قليلا فتحت الغطاء ونزعته من عليه وهي ترفع رأسها تنظر إلى الأعلى خوفا من أن يراها أحد.. ثم حملته على يدها الاثنين وسارت تسكب ما به في كل مكان يقابلها.. على الأرضية والأشجار بأوراقها حتى جدران القصر من الخلف.. لقد كان بنزين سريع الاشتعال سيساعدها في الهروب من هنا.. تركته في الأرض ثم ألقت بعض الأخشاب وفوقهم قطعة قماش كبيرة..
عادت للخلف خطوة وتقدمت من باب المطبخ.. نظرت إلى كل ما فعلته ثم أخرجت القداحة من جيب بنطالها الجينز أشعلتها وألقت بها على الأرض فنشبت النيران سريعا دون أي مجهود.. نظرت إليها بعينين واسعة وهي تراها تصعد إلى الأشجار وتتأكل في الأرض متجهة إلى الجانبين وترتفع مع تلك الأخشاب الذي ألقتها في الأرض.. اتسعت شفتيها بابتسامة واسعة وهي ترى أن ما رغبته بات قريبا للغاية منها وستبتعد عن هنا في الحال..
مر كل هذا على ذاكرتها وهي تبتعد عن قصر العامري فقد حدث كل هذا قبل قليل قبل أن تخرج من القصر وتحصل على الحياة.. تود لو تصفق لنفسها
سارت بسرعة هي وشقيقتها وابنتها بيدها تبتعد عن هنا بفرحة كبيرة والإبتسامة على وجهها مرتسمة باتساع.. تتابع وهي تسير بخطوات اشبهت الركض البيوت الخاصة بهم الغريبة ككل المناطق النائية..
يالا الفرحة.. أكان يريدها أن تستمر معه هنا على هذه الجزيرة الغريبة هي وكل سكانها.. الذين يضعون الثوم والبصل مربطين بأحبال في شرف المنازل
نظرت إلى شقيقتها معتقدة أنها هي من أمسكت بيدها ولكن يد شقيقتها كانت جوارها فاستدارت واقفة تنظر إليه!!..
إنه هو! وقع قلبها بين قدميها واختفت تلك الضحكة التي كانت على شفتيها منذ قليل وذراعها في قبضة يده يضغط عليه بقوة وغل شديد وملامح وجهه لا تنذر بالخير أبدا..
شعرت بالخۏف وهي ترى عاصم يقف خلفه والسلاح بيده ونظرات عينيه موجهة إليها بقوة وكأنه يتوعد لها وبجواره ذلك جلال يقف مثله خلف جبل ينتظر الإشارة منه والجميع في حالة صمت..
ضغطت زينة على يد ابنتها بقوة تتمسك بها خوفا من أن يأخذها منها عنوة.. عيناها تنظر إليه بحدة تتابع نظرات عيناه الخضراء المخيفة..
مش كنتي تقوليلي إنك عايزة تمشي علشان اسهلك الطريق!
تابعت النظر إليه دون حديث وقد شعرت أن سمائها انطبقت على الأرض من أسفلها وډمرت كل شيء.. لم تقوى على الحديث بل تنظر إليه بصمت تام لا تعلم ما الذي من المفترض أن تقوله ولا حتى تفعله.. ولا تدري ما الذي سيفعله هو بها..
أكمل وهو يجذبها من ذراعها پعنف وقسۏة
تعالي.. الوقت دلوقتي ميسمحش أنكم تنزلوا النيل
تحطمت أحلامها وذهب كل ما فعلته لأجل الفرار هباء فلا شيء أتى بنفع مع ذلك الجبل الصلب الذي احتارت في وصفه..
بعد أن جعلت الحريق ينشب في القصر ويلتهي به الجميع وهو من بينهم.. وذهبت على أول الطريق وخرجت من القصر وأقتربت من الوصول إلى النيل والخروج من الجزيرة.. أتى هو لينهي كل هذا كأنه لم يحدث من الأساس.. لقد أتى في الوقت المناسب حقا..
شعرت بالسخرية الغريبة لأجل كل ما عاشته هنا إلى الآن أهو إلى هذه الدرجة مسيطر ومتحكم ليفهم ما حدث ويأتي خلفها بهذه السرعة..
سارت معه وهو يجذبها عائدين إلى القصر استدارت برأسها تنظر إلى الخلف ترى النيل كان على بعد خطوات منها يبدو أنها كتب عليها أن ترى وتعلم الكثير عن الجزيرة وأهلها.. لم يكن مقدر لها
الخروج بهذه السهولة..
وقف جبل أمام بوابة القصر بعد أن عادوا إليها مد يده إلى حقيبة ظهرها جذبها منها ثم أعطاها إلى عاصم الذي أخذها منه وأشار إليه قائلا
دخل الآنسة إسراء ووعد وخد بالك منهم كويس
أقتربت إسراء من زينة تقف جوارها وفعلت ابنتها المثل تتمسك بيدها بقوة وصاحت قائلة
وزينة هتروح فين
ابتسم إليها بسماجة وبرود قائلا
متقلقيش أنا هاخدها معايا مشوار وراجعين..
تسألت مرة أخرى بجدية وقلق
مشوار فين.. خدنا معاها
نظر إليها بقوة وتابع يجيبها بخشونة
ادخلي.. شوية وهترجع
تركت زينة يد ابنتها ونظرت إلى إسراء بجدية وهدوء حتى لا تجعلهم يشعرون بالقلق وقالت
ادخلي متقلقيش عليا
لم تكن تكمل رفع شفتيها عن بعضهم البعض لتتحدث مع شقيقتها إلا وكان هو تحدث بصرامة وقوة موجه حديثه إلى عاصم
عاصم.. دخلهم
أشار عاصم إلى إسراء أن تدلف فنظرت إلى شقيقتها ودلفت على مضض وهي قلقة للغاية مما يحدث الآن وبيدها ابنة شقيقتها...
بعد أن دخلت من بوابة القصر نظرت إلى عاصم بعينين بريئة قلقة للغاية تدعوه أن يطمئنها فشعر هو بذلك بعد أن دلف وأغلق البوابة ناظرا إليها
تقدم منها قائلا بجدية
متقلقيش شوية والهانم هتيجي
ضغطت على يد الصغيرة التي تتمسك بها وهو يتابع النظر إلى عينيها بعمق وهدوء وكأنه يحكي أشياء لا تستطيع شفتيه الحديث بها.. استمع إلى صوت جلال وهو يخرج حمحمة رجولية فحمحم هو الآخر من بعده وهبط إلى أسفل ينظر إلى الصغيرة..
ابتسم إليها قائلا بود وحب
اطلعي فوق اوضتك ارتاحي شوية وماما هتيجي
أومأت إليه برأسها فسارت مع إسراء متجهين إلى الداخل وهو معه حقيبتهم الذي تحوي أغراضهم..
بينما في الخارج نظر جبل إلى زينة بعد غلق البوابة نظرة ارعبتها شعرت أنها ترى شيطان في هيئة انسان من بعدها.. تحدث قائلا بقسۏة
أما إحنا عندنا مشوار مهم هيخليكي تفكري مليون مرة قبل ما تعملي أي حركة زي دي..
جذبها من يدها خلفه وهو يسير يكمل
بقيت تنظر إليه مباشرة داخل عينيه لا تدري كيف تحملت ذلك وكأنه هو الآخر أخذ نظرتها إليه تحدي فتابع واستمر ينظر إليها يخيفها فأبتعدت بعينيها السوداء تنظر في الفراغ المحيط بهم والسكون الذي بعث بقلبها الړعب والفزع.. وتلك الصحراء المخيفة كمن يقف أمامها..
وجدته يبتسم بزاوية فمه يبتعد عنها خطوات بسيطة للغاية وقف أمام منطقة معينة هبط بجسده العلوي للأسفل ينحني إلى الأرضية.. تابعته باستغراب شديد فوجدته يزيح بعض الرمال بيده ليظهر غطاء خشبي صغير مثبت بالأرض الرملية رفعه بيده ثم وقف شامخا.. وقفت هي مذهولة لم تكن تدري ما الذي عليها فعله الآن يبدو أن القادم أسوأ بكثير مما سبق.. تنفست بعمق والرهبة تكاد تقضي عليها..
تابعت نظراته الشامتة لها ورأته وهو ينظر إليها ثم وضع قدمه أسفل ذلك الغطاء يضغط بها على شيء ما لم تراه جيدا ثم استمعت إلى صوت عالي يصدر من الجبل فنظرت إليه سريعا لتراه وهو يفتح!..
لم تكن أي كلمات أو معاني تعبر عما تشعر به في هذه اللحظة من الذهول والخۏف والتردد الذي أصابها والندم الذي احتل كيانها بسبب عودتها إلى هنا ووقوفها بوجهه.. لما أردت أن ترى ذلك الجبل لما!
الآن فقط علمت أن حديث يونس كان صحيحا مئة بالمئة وهي الوحيدة الغبية الفضولية عندما رأت العتمة تخرح من الداخل وجانب كبير منه أبتعد عن الآخر ليفتح مرر إليه..
ابتسم باتساع وهو يتابع نظراتها وتعابير وجهها المزعورة فتقدم منها يقبض على يدها قائلا بكبر
ولسه مشوفتيش حاجه
استمرار ذلك الصوت العالي المزعج..
لم تكن تركز في أي شيء ولا حتى الطريق الذي يسير به معها بل كانت تنظر إلى الأسلحة المتواجدة بكل مكان.. بينما وهي تعبر معه من المرر إلى الآخر الأكثر اتساعا استدارت بوجهها تنظر إلى الأمام بعد أن رأت عينيها القدر الكافي من الأسلحة ولكنها فزعت وصړخت عاليا تلتصق به متمسكة بذراعه وهذا بعد أن رأت رأس ذئب معلقة أمامها في بداية الممر الأخر ولم تكن تراه..
تحدث بخشونة قائلا وهو ينظر إليها
قلبك خفيف للدرجة دي.. اتقلي
حاولت أن تتنفس بهدوء وانتظام بسبب تلك الفزعة وابتعدت عنه تاركة يده تنظر إليه باستغراب جلي وإلى الآن لم تعلم ما الذي سيحدث..
دلف بها إلى الداخل ووقف في ساحة كبيرة وكأنها منتصف الجبل لم تختلف كثيرا عن الخارج كانت مليئة بالأسلحة والصناديق الخشبية الموضوعة في كل مكان وهناك أبواب حديدية على بعد مسافات منتظمة..
دارت بعينيها في كل إتجاة ثم عادت إليه بهما فنظر هو إليها ثم سار يخطو خطواته ببطء شديد جوارها يسير حولها صانعا دائرة يمشي عليها بانتظام..
أردف بكلمات بسيطة ببطء وهدوء ولكن الكلمات هذه لا تحتوي إلا على القسۏة
أنتي عارفة أنتي عملتي ايه
لم يجد منها رد فأعاد السؤال مرة أخرى بخشونة أكثر
عارفة ولا مش عارفة
لم تكن تعلم ما الذي ينتظرها بعد فتحدثت بقوة وعنفوان تدفعه إليه بلا مبالاة
عارفة كويس أوي وأنا قولتلك قبل كده مش خاېفة منك ولا من عشرة زيك وهامشي يعني هامشي
تقدم منها ناظرا إليها بهدوء وعينيه مثبتة عليها ثم دون أي إنذار منه قبض على خصلات شعرها صارخا
لأ مش عارفة أنتي عملتي ايه.. الحريقة اللي عملتيها دي لو كانت زادت ولا محدش شافها كانت كلت الجزيرة كلها المخزن
اللي ورا القصر مليان متفجرات يا غبية
الله وكيل لو حصل حاجه مكان هيكفيني اقټلك وارميكي للديابة
ضغط على شفتيه السفلية بعصبية وڠضب شديد يسألها پعنف وشراسة
أنتي عايزة ايه بالظبط مش قولتلك هتجوزك ڠصب عنك.. قولت ولا مقولتش
صړخت بوجهه بشراسة أكثر منه وكرهها له وبغضها على هذه الحياة هو من يقودها
أنا مش هتجوزك لو هتقتلني
أشتدت قبضتة على خصلاتها وهو ېصرخ بوجهها
أنا مش ھقتلك